الخميس، 23 يوليو 2020

العشر من ذي الحجة





لما الأعمى محظوظ؟


هل سبق وأن حسدت الأعمى؟ أراهن على أن 99% من القارئين ستكون إجابتهم: لا!
لكن.. تعالَ لأخبرك على ما يُحسد الأعمى.
جرّب العزلة أوّلًا، أو خذ اجازة طويلة في المنزل بعيدًا عن الناس والمجتمع.. وعن وسائل التواصل بالطبع، هل تعلم مالنتائج التي ستحصدها مع الوقت؟
أولًا: ستغدو حرًا في داخلك ولن يهمك رأي الناس فيك!
ثانيًا: لن تبقى متوترًا بسبب مظهرك وهيئة جسدك وحجمك.. أي: لن تنشغل بأدق التفاصيل التي تربكك.
ثالثًا: لن تشعر بالضجر من حياتك ولن تتذمر لأن "فلان" حياته أجمل!
رابعًا: ستلاحظ أنك ستنشغل بنفسك وطموحاتك بعيدًا عن توافه الأمور وتعمل بجد.. وان كنت محظوظًا فستصبح ديِّنًا صالحًا.
خامسًا: لن تميل نفسك إلى الخطأ وأنت ترى من حولك هائم في حفلات الرقص والاستراحات وصالات السينما.. أو من يرتدي الموضة أو يتعرّى! أو يدخّن بلا حساب أو يتصرّف بحرية كاملة خارجًا عن الدين والعادة أو من يدمن الموسيقى أو أو...
لن يغريك أحد بالدنيا أو الانفلات.. ولن تزل نفسك التي روّضتها بسبب ما تراه عينك ورغبة التقليد..
وهذا ما يُحظ به الأعمى.
في هذا الزمان أصبح من الصعب الابتعاد عن أماكن الزلل والخطأ.. هي في حياتنا وبين أهلنا وفي حفلاتنا وزياراتنا وأغلب مجتمعنا! وفي هواتفنا.. 
غدونا في تحدٍّ صعب مع أنفسنا.. أنقلّد أم نتورّع.
ترى الأعمى دائمًا قريبٌ من الله.. مرتاح البال قنوعًا.. بعيدٌ عن الزلل قريبٌ الى العلم والدين! فلا شيء يغريه من مفاتن النظر، ولا يشتهي التقليد لأنه لا يرى..

جرّب أن تكون أعمى.. لكن بطريقة أخرى، وأعدك أنك سترى من النتائج العجب؛ وأولها راحة البال.

الاثنين، 20 يوليو 2020

حادثة الشاطئ -1-


صيف يوليو.. من عامي التاسعَ عشر.
اعتدنا أنا وإخوتي في هذا الشهر من كل عام الذهاب الى شاطئ مينام ( تايلند )، حيث الحرارة تصل الى الـ35 درجة والطقس مناسب للسباحة والإستجمام.
حجزنا غرفتين في فندق " رويال " لنقضي ثلاثة أيام هناك، وقد كادت أن تكون أجمل أيام قضيتها في حياتي.
...
في ظهر يومنا الثالث، كان الجو شبه غائم.. وشعرت برغبة في السير في شواطئ بعيدة عن ضجة السياح، لم يأت أحد من إخوتي معي.. شُغل أحد شقيقاي بتناول غدائه في " البوفيه " بينما التهى الآخر في الصالة الرياضية، أما شقيقتي فاختارت الاسترخاء في حمامات الساونا، وفي الحقيقة أحببت انشغالهم؛ فقد فضّلت الذهاب وحدي والاسترخاء، دون أن أعلم ما كان ينتظرني هناك.
...
وصلت بالـ" التاكسي " إلى شاطئ شبه معزول، شاطئ هادئ لم يكن فيه سوى رجل واحدٍ مسترخٍ تحت مظلته وبجانبه عصير أحمر فاقع اللون مائل الى القرمزي، خمنت أنه التوت، ابتسمت حين رأيته من بعيد فقد أحببت هدوءه وسكونه.. وكان ينظر هو بدوره إلى البحر.
ركضت من الشارع الى جانب البحر بحماسة وأخذت أرقص وأتجول على الرمال حافية القدمين، استغرقت حوالي ساعة ولم أتوقف حتى شعرت بالدوار والعطش.. وتذكرت حينها أنني نسيت حافظة الماء خاصتي في الفندق.
جلست على ضفة البحر.. أخذت نسمات لطيفة تداعب بشرتي بهدوء، ولوهلة شعرت بأن هناك أعينًا تنظر إلي.. وما كان مني إلا أن فزعت والتفت حولي فلم أجد الا الرجل ذاته، بعيدٌ وموشح ببصره عني، أيقنت أني أتهيأ.. واستلقيت مغلقة عينيّ تحت ضوء الشمس الذي يظهر ويبهت تحت رحمة الغيم.
...
غفيت لبرهةٍ واستفقت على شيء يلامس قدمي، اعتدلت مذعورة فإذا به مجرد سلطعون صغير أحمر اللون؛ تنهدت براحة واضعة كفِّي على صدري.. ثم التفت فإذا بالرجل قد ذهب.. تاركًا عصيره ثابتًا على الرمال في مكانه.
أخذت أبحث يمينًا ويسارًا فلم أجده، ولشدة عطشي نهضت قاصدة العصير لأشربه، وما ان هممت بالسير حتى سمعت صوتًا غريبًا يحذرني من خلفي: إياك أن تذهبي.
ذُعرت ورجف قلبي والتفت سريعًا فلم أجد غير السلطعون الصغير، فقلت في سرّي أنني بدأت أهلوس وأن تعبي وعطشي هما السبب، فتجاهلت الإشارة، وأكملت المسير...

يتبع..