الأربعاء، 25 نوفمبر 2020

سلامًا لصديقتي العزيزة.. ( رسالة بريدية إلى صديقتي )

    عدت ليلة الأمس ( في حوالي الثامنة مساءًا ) من رحلتي القصيرة والملهمة إلى ينبع.


مكثت هناك ثلاثة ليالٍ وأربعة أيام.. أستطيع أن أقول أنها كانت من أجمل ما حصل لي منذ بدأت جائحة كورونا - عافانا الله منها -.

انتعش قلبي وأزهر.. ارتوت نفسي وامتلأت بجرعة - كنت أحتاجها منذ زمن - من الإلهام والتحفيز والحب.. للحياة، ولأهدافي، ولله سبحانه، ولكل شيء.

لم أمتلئ بالمعنى الحرفي.. ولكنني أشبعت ما كنت أرجو.. صحيح! يجب أن أخبرك..
وجدت كتابًا أشبهني، أو كاتبة ربما! صحبني في سفري هذا كتابان، الأول وهو " كيمياء الصلاة " وقد أشعل روحي وبث فيّ روحانيةً الله أعلم بها.

وثانيهما وهو المقصود: " مذكرات فتاة ملتزمة " لـ " سيمون "، آه يا سيمون.. كم كانت رحلتي معك عذبة ولا تزال! لأول مرة يا صديقتي أتحاور مع رواية ( أو سيرة كما يصح ).. أعيد جملها بكثرة وأقتبس منها أعذب الاقتباسات.. كاتبتها تشبهني.. تشبه أفكاري ومسالكي ( أحببت استعمال هذه الكلمة التي بتُّ أقرأها وأسمعها كثيرًا في روايتي هذه ورواية " كبرياء وهوى " الرواية الصويتة التي أستمع إليها وأنا أجلي الصحون - والتي جعلتني أدمن وقت العمل لأجلها! -.

قبل أن أكمل.. أريدك أن تعلمي أنني وضعت قلبي في هذه الرسالة.. ولم أكتبها بجوارحي فقط! هذه الرسالة قد تكون تغييرًا لي ولك.. فنادرًا ما نجد الإلهام.. وأنا يا صديقتي العزيزة أود أن أهديه لك على طبقٍ من ذهب.. وأشعرك - ولو قليلًا - من الشعور الباهر الذي أحسست به من كل شيء ذكرته.

" سيمون " أو " شبيهتي " كانت تؤمن بالله.. ليس الإسلام بحد ذاته ولكن بالله.. كانت تختلي.. تتأمل.. تتضرع وتدعو وتذكره في كل آنٍ وحين - كما ذكرت -.. أحببت فيها روحانيتها العالية وإيمانها الصادق ( الذي صُعقت لاحقًا حين ذكرت أنها نزعته من صدرها وأصبحت لا تؤمن بشيء! على الأقل حتى الآن في الربع الأول من الكتاب )، نعم لم أكمل الكتاب بعد.. كل ذلك الالهام والاعجاب وقع فيَّ منذ الصفحات الأولى.. منذ رأيت كثرة مؤلفاتها وقوة كتاباتها وجمال أسلوبها ( لا شك في ذلك فهي فرنسية الأصل من مواليد 1908 م ).. ومن شهرتها وهدفها الذي حققته بجدارة! أتمنى وأأمل حقًّا أن تقرأي الكتاب.. بتمعن.. وهدوء.. اتمنى.

" سيمون " تشبهنا يا صديقتي.. تحب الكتابة كثيرًا.. تطلق العنان لقلمها.. ألّفت ما يقارب الـ 25 كتابًا في حياتها! وقد فكرت.. وبالرغم من أنها ليس مسلمة.. وهدفها لا يؤدي بها إلى الجنة؛ إلا أنها عملت به حتى وصلت وأصبح اسمها يذكر حتى الآن! فما ينقصنا؟ من إيصال رسالتنا.. من كتابة كتبنا كما أحببنا ووددنا.. من إلهام الناس وإسعادهم وجعل حب الله من أولوياتهم؟.

كانت سيمون تدافع عن النسوية.. أحسبك تعرفين النسوية؟ وهي حركة كانت تُعلي من قيمة المرأة، أو ( تحررها ) ربما بمعنى أصح.

حين كَتَبَت لها هدفًا - أدرجت الإقتباس في الأسفل - حققته.. حين تمنت شيئًا عملته.. لم تتوقف فقط على التمني! أو انتظار الوقت المناسب الذي لن يأتي.

عندما أقول انها تشبهني؛ فقد شابهتني في خمسة أشياء كحد أدنى حتى الآن: في خلوتها التي احبتها ولم تعتبرها " توحدًا " أبدًا.. وربما في تواضعها مع الجميع ( الذي أظهرته في حادثة ابنة عمها التي رفضت أن تبدأ السلام مع الخبازين فقط لأنها في طبقة أعلى منهم! وأرجو أن تقرأي الكتاب وحين تصلين إلى ذلك المقطع تذكريني ؛( ).. وفي حبها للكتابة.. وحبها الجم الجم للقراءة في كل وقت وحين.. وأخيرًا وليس آخرًا.. في كرهها - المبكر - أو عدم تقلبها لفكرة ( الزواج ) و ( الانجاب ) والرجال.. على الأقل لأنها تعتبره احتكارًا للمرأة واستعبادًا لها - وليس أنني أشبهها تمامًا بالمعنى الحرفي هنا.

لن أتوقف عند ذلك بل سأرسل إليك اقتباسات مصورة لبعض حديثها عن الكتابة وقد احببتها فاقرأيها:

Screenshot_٢٠٢٠١١٢٤_١٥١٢٢١.jpg
IMG_٢٠٢٠١١٢٤_١٥٠٨٣٩.jpg

صديقتي.. أتمنى أن تلهمك رسالتي وأن تجدي فيها شيئًا يشبع لهفتك.. وبالمناسبة! كيف حالك مع عزلتك؟ أكتبي لي كل ما تشعرين به من فضلك.. أفضي إلي بكل ما يحمله قلبك من كلمات ولنتشارك تفاصيلنا الحالمة معًا.. دائما 💙

بعض الصور لرحلتي الرائعة:
IMG_٢٠٢٠١١٢٠_٢١٥٤٠٩.jpg
IMG_20201121_064859.jpg
IMG_20201123_063124.jpg
IMG_20201123_063457.jpg
IMG_20201122_065914.jpg
IMG_20201122_151654.jpg
هنا اصطاد أبي هذا السلطعون 😂
IMG_20201123_062140.jpg

إلى هنا وأتركك في أمان الله.

كانت هذه رسالتي الموجهة إلى " صديقة الصباح " ظهيرة الأمس.. وقد أحببت الاحتفاظ بها ومشاركتها هنا.. وأرجو أن تلهمكم يا أصدقاء


 

الجمعة، 20 نوفمبر 2020

رضاءان


لأول مرة في حياتي.. أو ربما ( فيما استحضر من ذاكرتي )..

أرى بحرًا وبرقًا -يخلفه رعدٌ تباعًا- ومطرًا في آنٍ واحد.. 

منظرٌ عذب.. وفي الوقت ذاته مهيب..

استترت السماء خلف الغيوم وتلألأ البحر؛ وكأن نجوم السماء قد سقطت على سطحه.

أخذت قطرات المطر الصغيرة تنقر على عاليهِ بخفَّةٍ لتُظهر عرضًا بديعًا يشبه وميض النجوم في السماء..

وفي الجانب الآخر.. التمع انعكاس الأضواء ( البيضاء الكئيبة والصفراء الوديعة ) على الأرضِ الملساءِ المبتلَّةِ متشبِّهًا بأجواءَ لندنية..

الآن؛ اجتمع في بقعةٍ واحدةٍ اثنان من " منعشات الروح "..


ويا لهما من رضاءان.


الأحد، 30 أغسطس 2020

ليلة سمر مع جدّي

تحت ضوء القمر.. في إحدى الليالي الباردة..

كنت أنا وجدي نتسامر محتضنين بعضنا بحثًا عن الدفء.. وفي لحظات كنا نسكت لنتأمل بريق البحر المظلم وتحركاته الهادئة.. كان منظرا مريحا للعين.. كانت اسعد ايامي تلك التي اقضيها مع جدي في كوخه البعييد.. البعيد جدًا..!

كنا نجمع الحطب في النهار لنتمكن من الحصول على الدفئ وقت الحاجة..

أحب رائحة احتراق الحطب.. ورائحة الشوكولاتة الساخنة التي يعدها جدي كل مساء.. تتصاعد منها ابخرة كثيفة نجعلها تداعب وجنتينا ونضحك!

جدي هو ألطف شخص عرفته وسأعرفه.. لطالما كان لي الأب والأم والإخوة.. والمارد السحري أيضًا! بهداياه الكثيرة التي يقدمها لي وألعابه المبهجة التي لا أمل منها أبدًا.. خاصة ذلك الحصان الخشبي النحيل الذي أصبح صديقًا لي في كل مغامراتي!

كم أتمنى حقًا.. وهي أمنيتي الوحيدة، أن يحيى جدي دائما وأبدًا..

وأن لا يسبقني الى العالم الآخر، ذلك المكان المقدر لنا تحت الأرض.


الأحد، 9 أغسطس 2020

حادثة الشاطئ -2-

كان البحر هادئًا، لم تعْدُ عليه أمواجٌ ولم يُسمَع له همس.. كان ساكنًا راكدًا.
كنت كلما اقتربت من مكان الرجل شعرت برغبة أكثر في الشرب؛ فقد أخذ مني العطش كل مأخذ..
وصلت وانحنيت ملتقطة قنينة العصير، كان لونه حادًّا وكان ثقيلًا بعض الشيء.
أخذت انظر إليه جيدًّا فإذا به شوائب صغيرة..
كانت القنينة مغلقة بإحكام.. حاولت جاهدة نزع غطائها واستنفذت كل طاقتي حتى استطعت.
تغيرت ملامح وجهي حين فاحت منها رائحة كريهة.. أغلقت أنفي ثم تسائلت في نفسي: ماهذه الرائحة!
اقتربت منها وشممتها سريعًا.. فلم أكن بحاجة لأكثر من ذلك حتى أعرف..
اصفرّ لوني.. وماهي إلا ثوانٍ حتى أخذ العرق يتصبب مني وأخذ جسدي يرتعش رغمًا عني..
لم أستطع الحراك.. وتصلبت أطرافي.
لم يكن عصيرًا.. كان الدم.
شعرت بأنه وبأي لحظة سيعود الرجل إلى هنا..
شعرت أنني اقحمت نفسي في جريمة لا مخرج منها.
أخذت تساؤلات كثيرة تقحم نفسها في عقلي في أقل من الثانية، وأنا متيبسة الأطراف أخشى حتى الإلتفات.
أنزلته ببطئ في نفس مكانه، ونفس وضعيته الأولى.. ابتلعت ريقي ووقفت مجدّدًا، أردت الاختفاء والإختباء تحت الرمال أو داخل البحر أو حتى إلى الأبد.. لكنني أيقنت أنني واقعة بين يديه لا محالة.
حاولت استجماع قوتي.. كانت غلطتي أنني لم أهرب.. التفت قاصدة العودة إلى مكاني دون وعي منّي..
فإذا بالرجل واقف أمامي.

يتبع..

الخميس، 23 يوليو 2020

العشر من ذي الحجة





لما الأعمى محظوظ؟


هل سبق وأن حسدت الأعمى؟ أراهن على أن 99% من القارئين ستكون إجابتهم: لا!
لكن.. تعالَ لأخبرك على ما يُحسد الأعمى.
جرّب العزلة أوّلًا، أو خذ اجازة طويلة في المنزل بعيدًا عن الناس والمجتمع.. وعن وسائل التواصل بالطبع، هل تعلم مالنتائج التي ستحصدها مع الوقت؟
أولًا: ستغدو حرًا في داخلك ولن يهمك رأي الناس فيك!
ثانيًا: لن تبقى متوترًا بسبب مظهرك وهيئة جسدك وحجمك.. أي: لن تنشغل بأدق التفاصيل التي تربكك.
ثالثًا: لن تشعر بالضجر من حياتك ولن تتذمر لأن "فلان" حياته أجمل!
رابعًا: ستلاحظ أنك ستنشغل بنفسك وطموحاتك بعيدًا عن توافه الأمور وتعمل بجد.. وان كنت محظوظًا فستصبح ديِّنًا صالحًا.
خامسًا: لن تميل نفسك إلى الخطأ وأنت ترى من حولك هائم في حفلات الرقص والاستراحات وصالات السينما.. أو من يرتدي الموضة أو يتعرّى! أو يدخّن بلا حساب أو يتصرّف بحرية كاملة خارجًا عن الدين والعادة أو من يدمن الموسيقى أو أو...
لن يغريك أحد بالدنيا أو الانفلات.. ولن تزل نفسك التي روّضتها بسبب ما تراه عينك ورغبة التقليد..
وهذا ما يُحظ به الأعمى.
في هذا الزمان أصبح من الصعب الابتعاد عن أماكن الزلل والخطأ.. هي في حياتنا وبين أهلنا وفي حفلاتنا وزياراتنا وأغلب مجتمعنا! وفي هواتفنا.. 
غدونا في تحدٍّ صعب مع أنفسنا.. أنقلّد أم نتورّع.
ترى الأعمى دائمًا قريبٌ من الله.. مرتاح البال قنوعًا.. بعيدٌ عن الزلل قريبٌ الى العلم والدين! فلا شيء يغريه من مفاتن النظر، ولا يشتهي التقليد لأنه لا يرى..

جرّب أن تكون أعمى.. لكن بطريقة أخرى، وأعدك أنك سترى من النتائج العجب؛ وأولها راحة البال.

الاثنين، 20 يوليو 2020

حادثة الشاطئ -1-


صيف يوليو.. من عامي التاسعَ عشر.
اعتدنا أنا وإخوتي في هذا الشهر من كل عام الذهاب الى شاطئ مينام ( تايلند )، حيث الحرارة تصل الى الـ35 درجة والطقس مناسب للسباحة والإستجمام.
حجزنا غرفتين في فندق " رويال " لنقضي ثلاثة أيام هناك، وقد كادت أن تكون أجمل أيام قضيتها في حياتي.
...
في ظهر يومنا الثالث، كان الجو شبه غائم.. وشعرت برغبة في السير في شواطئ بعيدة عن ضجة السياح، لم يأت أحد من إخوتي معي.. شُغل أحد شقيقاي بتناول غدائه في " البوفيه " بينما التهى الآخر في الصالة الرياضية، أما شقيقتي فاختارت الاسترخاء في حمامات الساونا، وفي الحقيقة أحببت انشغالهم؛ فقد فضّلت الذهاب وحدي والاسترخاء، دون أن أعلم ما كان ينتظرني هناك.
...
وصلت بالـ" التاكسي " إلى شاطئ شبه معزول، شاطئ هادئ لم يكن فيه سوى رجل واحدٍ مسترخٍ تحت مظلته وبجانبه عصير أحمر فاقع اللون مائل الى القرمزي، خمنت أنه التوت، ابتسمت حين رأيته من بعيد فقد أحببت هدوءه وسكونه.. وكان ينظر هو بدوره إلى البحر.
ركضت من الشارع الى جانب البحر بحماسة وأخذت أرقص وأتجول على الرمال حافية القدمين، استغرقت حوالي ساعة ولم أتوقف حتى شعرت بالدوار والعطش.. وتذكرت حينها أنني نسيت حافظة الماء خاصتي في الفندق.
جلست على ضفة البحر.. أخذت نسمات لطيفة تداعب بشرتي بهدوء، ولوهلة شعرت بأن هناك أعينًا تنظر إلي.. وما كان مني إلا أن فزعت والتفت حولي فلم أجد الا الرجل ذاته، بعيدٌ وموشح ببصره عني، أيقنت أني أتهيأ.. واستلقيت مغلقة عينيّ تحت ضوء الشمس الذي يظهر ويبهت تحت رحمة الغيم.
...
غفيت لبرهةٍ واستفقت على شيء يلامس قدمي، اعتدلت مذعورة فإذا به مجرد سلطعون صغير أحمر اللون؛ تنهدت براحة واضعة كفِّي على صدري.. ثم التفت فإذا بالرجل قد ذهب.. تاركًا عصيره ثابتًا على الرمال في مكانه.
أخذت أبحث يمينًا ويسارًا فلم أجده، ولشدة عطشي نهضت قاصدة العصير لأشربه، وما ان هممت بالسير حتى سمعت صوتًا غريبًا يحذرني من خلفي: إياك أن تذهبي.
ذُعرت ورجف قلبي والتفت سريعًا فلم أجد غير السلطعون الصغير، فقلت في سرّي أنني بدأت أهلوس وأن تعبي وعطشي هما السبب، فتجاهلت الإشارة، وأكملت المسير...

يتبع..

الأحد، 17 مايو 2020

بكاء الفرح ♡

أخذت أبكي كطفلة بعد أن استوعبت ما حدث بخمس دقائق..
وضعت يدي على فمي وتذكرت كل لحظات دعائي في السنين الأربع الماضية، في سجودي.. في صيامي.. بين الأذان والاقامة.. عند مذاكرتي وتعبي.. وحتى أمام الكعبة المشرّفة! وكل مكان خطوته وكل زمان مبارك يشهد دعوتي تلك.. أراها الآن تحققت أمام عيني، شعرت بقعريرة غريبة.. الله هنا.. الله معنا.. الله معي.. كيف لم أستشعر الأمر بهذه القوة من قبل؟؟
مررت في كثير من الأوقات بشِبه يأسٍ وتعبٍ فأقول: هل يُعقل أن أخرج من هذه المادة بعلامة A+؟ هذا تحدٍّ عظيم وأمر أقرب للمستحيل! ثم أخرج منها بهذه العلامة.. نعم كانت هذه دعوتي.
دعوت الله أن أحصل على جميع موادي في سنواتي الدراسية كلها على علامة A+، وذلك يعني أن أحصل عليها في 56 مادة.. أتتني الإجابة كفلق الصبح.. وها أنا أتخرج بها سعيدة بما أنعم الله علي.. وكان فضل الله علي عظيمًا.
أعلن من هذا المنبر تخرجي من جامعة طيبة عام 1441 هـ بمرتبة الشرف الأولى ولله الحمد والمنة، خُتِم 

الجمعة، 15 مايو 2020

ماذا بين أبي وبين الله حتى اصطفاه؟ ❤


في هذه الأيام التي تشهد وباء كورونا ومن وراء الحجر أُغلقت جميع مساجد المملكة بلا استثناء ولم يبق الا الحرمين الشريفين.
حُرم الجميع وبكى المعلقة قلوبهم بالمساجد من الشيبان والرجال، وكان الأصعب والأشد من ذلك هو دخول رمضان المبارك بهذه الحال.. فلا تراويح ولا قيام ولا جمعة.
اكتفى الحرمين بصف واحد أو اثنين، بحيث أن جميع المصلين يعدّون على الأصابع! واختار الله أبي.
كان أبي من بين هذه الصفوف المنعّمة، يحضر التراويح وصلاة الجمعة وبعض الصلوات المتفرقة، حباك الله يا أبتي حظًّا عظيمًا! فما كانت خبيئتك؟ أو ما كان عملك حتى اصطفاك!
عهدت أبي مُذ عرفته بارًّا بوالديه، في كل الظروف وجميع الأوقات يلبي جميع الطلبات ولا يتذمر! كنت أسأل نفسي.. كيف يستطيع أبي أن لا يتضجر ولا يتعذر؟ أو لا يقابل الأذية بالبعد.. بل وأراه قد صبر حتى فوق طاقة البشر!
عهدت أبي كريمًا.. لا يحسب عطاء ماله بل يعطي وكأن ماله لا ينتهي! بارك الله له في ماله.. لم يضيّق علينا حتى في أحلك الظروف، وما أكثر الحكايات التي ترويها لنا أمي عن أبي فنزيد فخرًا.
عهدت أبي حسن التعامل.. طيّب القلب.. وإن لم يكن شاعريّ اللسان، لا يؤذي خلق الله.. ويشفع شفاعة حسنة، ويعطي ما يستطيع ولا يتمنن.
عهدت أبي لا يسمع الغناء.. لا يلهي وقته بالمسلسلات والأفلام.. وعهدته صبورًا لا تحطمه الأيام..
رفع الله قدرك يا أبي، فنعم الرجل أنت ونعم الأب.

الأربعاء، 13 مايو 2020

خواطر رمضانية ( 3 ): صباحات رمضان


أُقدس وقت الصباح، لدي طقوس خاصة أُحب أن أؤديها بهدوء دون وجود أشخاص حولي!
أقضي صباحاتي بين القراءة والتصفح، وبين الإستذكار أو التعلم وأحيانًا الرسم.. ثم أترك وقتًا لإعداد الفطور فأشرعُ بصنع الفطائر أو أصنع فطورًا صحيًّا او دسمًا أحيانًا! وهنا وجدت الفرق في رمضان.
صباحاتي في رمضان لا يضيع وقتي فيها بين إعداد الفطور وتناوله ومتابعة أفلام الكرتون حيث يستغرق مني كل ذلك حوالي ساعة ونصف -بمتعة طبعًا!- لكن ذلك يضيع جزءًا كبيرًا من صباحي.
وجدت أن صباح رمضان صباحُ إنجازٍ وطاقةٍ لا مقطوعة وعملٍ لا متناهٍ لا يتخلله تشتت أو " بريكات " بل يكون الوقت كله في صالح انجازاتي وأعمالي.
وهذه ميزة في الصيام عمومًا لا تختص برمضان الكريم، وربما تكون هذه أظهر ميزة رأيتها عيانًا من صيامي.

الثلاثاء، 12 مايو 2020

شغف جديد


أيام الحجر المنزلي أصبح عندي شغف جديد وهو أن أُنهي كل مستحضرات العناية المتكوّمة عندي وأكتفي بمنتج واحد.
كنت أعاني من هوس الشراء والذهاب المتكرر إلى الصيدليات ليل نهار وأحيانًا لأكثر من مرتين في الأسبوع - ما ضيّع مالي غيرها! -، وفي كل مرة يلفتني " كريم جديد " أو " صابون جديد " أو " زيت استحمام " أو " مرطب شفاه " الخ... والمشكلة أنني أجرب وأندم! فغالبًا يبقى خياري الأول هو الأفضل والمنتجات الجديدة تُلقَى مليئة في سلة القمامة، وكأنني ألقيت ورقة 100 ريال بدم بارد.
والأسوأ حين تُلقى بغلافها! فمن كثرة مشترياتي أترك بعضها جانبًا وأنساه إلى أن يمر عليه الدهر، قبل بضعة أيام رتبت غرفتي ووجدت " واقي شمس " بما يقارب الـ 150 ريال لم أنزع عنه غلافة حتى، انتهى تاريخ صلاحيته فلم أجد إلا أن ألقيه في القمامة.

أُفضّل كريم " نيفيا Nivea " وكلما جربت نوعًا آخر لا أجد نفس الترطيب ولا النتيجة ذاتها، فأنهيت جميع الكريمات الأخرى عندي وأصبحت لا أطلب سواه، وهكذا مع كل المستحضرات! وأشعر بالراحة لعدم التشتت ووضوح الوجهة.
وأرجو أن لا " تعود ديما لعادتها القديمة " بعد الحجر المنزلي.

الاثنين، 11 مايو 2020

لن أصدق ما قيل وإن جرى.. طالما لم أرى


خالتي نسرين.. رحمك الله..
في كل مرة يُحضَر فيها ذِكرك أتعلم منك شيئًا..
أُبشّركِ! فقد أصبحتِ مدرسة لي بعد موتك.
عندما كان الجميع يتحدث عنك بسوء في حياتك؟ انقلب الأمر فأصبحوا لا يذكرونك إلا بكل خير، لكنني وقعت في فخهم..
كرهوا منك ما سببته لهم.. بالرغم من أننا نعلم أنه مرَضُكِ.. لكننا شعرنا تجاهك بشيء سيء! سمعنا لما قالوا.. لم يُذكر عنك خير قط في حياتك.
كنتِ حديث المجلس.. كنت الفكاهة التي نضحك عليها إذا اجتمعنا.. لكن لم يذكر لنا احد قط كم كنت تعانين.. إلا عندما فارقتِ الأسى ورحلتِ عن عالمنا.
ذرفتُ الدموع غضبًا عندما ذكروا ليَ اليوم كيف كانت حياتك؟ مرضُك؟ علاجُك بالصعقات الكربائية؟ والإبر التي كنت تدَّعين أخذها إلا انك تلقينها خوفًا! ولكنك في كثير من الأحيان تجبرين عليها غصبًا.
عذابُك ونومك في غرفة موحشة.. على سرير خشبي بلا فراش؛ لأسباب لن أذكرها.
لم يذكروا لنا كيف كانت نظرتك للأشياء بنية الإصلاح لا الإفساد، ولكننا لم نفهمك أبدًا..
لم يذكروا كيف كنت بحاجة إلى الراحة، إلى الكلام، إلى الأسرة، إلى الضحك الدافئ مع قلب يحبك حقًّا! وليس بداعي الشفقة.. ما وجدتِ إلا الظلمة تحتويك.
وفي أوقات النوم؟ عندما كنت تتحججين بـ " نسيان هاتفك " في غرفة إحدى خالاتي؛ فقط لأجل أن تدخلي وتشعري بأشخاصٍ حَولك فينتابك الأمان، هي ثوانٍ فقط.. حتى يخرجوكِ خوفًا من فعل شنيع ربما تفعلينه.. لم يشعروا بأنك بحاجة إلى الشعور بالأمان.. بعيدًا عن عالمك المظلم.
مالذي رأيته في ذلك الوقت حتى تفزعي وتأتي؟ أآذاك " الخَلق الآخر " كما كانوا يفعلون؟
والسؤال الأألم الذي انتابني.. أكُنت خائفة عندما انتهت الثواني التي قضيتها داخل الغرفة " بحثًا عن هاتفك " وحان وقت رجوعك إلى غرفتك المظلمة؟
لم يشعروا بك.. لم يسألوك إن كان قد حدث لك شيء..
حقيقةً، كنت خائفة منك وقتها، وقت طرقك للباب، طريقة دخولك.. و" حجتك ".. كنت غبية اذ لم اشعر بك آنذاك؛ إذ ما من سببٍ يجعلك تتحججين بشيء غير واقعي إلا وأنت بحاجة إلى أحدهم! تركتك مثلهم.. والآن اشعر وكأنني أنا الوحش في تلك الساعة.. وليس أنت.
أعملنا سمعنا ولم نُعمل قلوبنا وعقولنا.. لم نسألك أنت شخصيًا عما يجري بالرغم من علمنا بمصداقيتك دائما وقولك للحقيقة مهما كانت مُرَّة، لم نسألك.. لم نفهم وجهة نظرك ولم ندرك حاجاتك.. بسمعنا لما قالوا حكمنا عليك ونفرنا منك.. وكل ذلك يحدث وأنت تشعرين، وتكتمين، إلى أن فات الأوان.
يا لظلم الإنسانِ ويا ويله اذ يسمع فيحكم.. وهو لا يعلم ما يُخفى عليه.

الجمعة، 8 مايو 2020

خواطر رمضانية ( 2 ): وذهب النصف..


انقضى النصف الأول من رمضان..
غابت شمسُ الخامسِ عشر.. شمسُ نصفٍ لن يعود.
سيندم المقصر على تقصيره، ويحزن العابد لعدم الزيادة.

وبقي النصف..
لا زال في الوقت بقية.
هل سنفرط بها؟ هل سنحاول الهروب من ليالي رمضان بشَغل النفس بغير الله؟؟
أيامًا معدودات.. ما ذهب منها لن يعود..
ومن سيضمن بقائه على وجه الأرض حتى رمضان القادم؟

الأربعاء، 29 أبريل 2020

خواطر رمضانية ( 1 ): السلاح الخاطئ


الجدال وما أدراك مالجدال..
سلاح سفّاك يعود عليك ضرره قبل مجادِلك.
فسواءٌ وصلت إلى مرادك أو لم تصل - وهو الأغلب - فسيتبعك شيء خاطئ؛ فإما أنك ستخرج من جدالك منهزمًا فيلحقك شعور بالخيبة والندامة على إضاعة وقتك وطاقتك، وإما أنك ستخرج منه منتصرًا إلا أن هزيمة من أمامك ستغير فيه شيئًا عليك ولو بسيطًا بسبب شعوره بالإنهزامية، وإما أنك لن تكون منهزمًا ولا منتصرًا بأن يخرج كلًّا منكما برأيه الثابت - الذي حاول أن يفرضه على الآخر - وبهذه الحالة وسابقتيها تكون قد خسرت فضل ترك الجدال الذي قال عنه النبي ﷺ: [ أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ].
فبسلاحك هذا ستكون خاسرًا في كل الأحوال!

الثلاثاء، 21 أبريل 2020

ما بال حالنا؟


ما بال هذا العام.. ما بالُ حالنا؟
أمن ذنوبنا التي غطّت صحائفنا وآثامنا! أمِنها؟
انتشر الوباء حتى وصل إلى كل جزء من كرتنا الأرضية..
تسارع عدّاد الوفيات حتى أنه لا تمرُّ ثانيتين إلا وتُسجّل حالة وفاة جديدة..
تصلنا الأخبار الفاجعة من أناس حولنا: فلان حالته إيجابية ( أي مصاب بالفايروس )، فلان خالط مصابًا، وفلان المريض خالط جماعة من الناس....... فلان " مات " بالمرض..
ناهيك عن أخبار الدول المتتابعة التي تتنافس فيها عدّادات موتاهم.. ميِّتٌ يلحق ميّتًا، جثّة تتبع جثّة.. فراق تلوَ فراق.
كل ما حولنا غريب.. وأكبر من أن تستوعبه عقولنا، تسارع الأحداث أدى إلى اختلاط الأمور فلم نعد ندرك ما نحن بحاجة حقيقةً للتفكير فيه، العالم مصاب.
أشعر بقشعريرة تجتاح جسدي كلما فكرت بأهلٍ مات قريبهم فلا هو يجد من يصلي عليه ولا هم يجدون من يواسيهم.. حالٌ مبكٍ.. مؤلم.. ولكن لا يسعنا الا أن نتذكر أن أبواب السماء لا زالت مفتوحة.

القُبلة الأخيرة.. في مغسلة الأموات


كانت المرة الأولى التي أدخل فيها إلى مغسلة أموات.. وعمري 21..
لا أعلم كيف أصف شعوري حينها.. لم أكن خائفة، لقد كان الأمر سهلًا بالنسبه لي.. بالرغم من أن صديقاتي وصفنني بـ" الشجاعة " واستنكرن عدم رفضي للذهاب، لا أعلم لماذا؟ كنت حزينة فقط، لأنني أعلم أن من سأراه الآن كان دوما رمزًا حيًّا أمامنا.. وهو الآن مجرد جسد هامد.
حينما دخلنا إلى الغرفة التي غُطَّت فيها خالتي بفراش أبيض؛ كنت أشعر بتوتر.. وعندما كشفوا عن وجهها كنت حذرة من الإقتراب..
كان أسوأ منظر رأته عيناي - وأحسنه في آن واحد، بملامح الرضا التي نصبت عليه - ..  
جسدٌ قد اعتَدتُ رؤيته حيًّا.. يتحرك.. ينطق.. يتجاوب.. يضحك.. يرقص..
أراه الآن بلا قدرة تمامًا! يتحرك حيثما حركناه.. بلا اختيار. 
لم أستطع الحديث معها، بالرغم من أنهم فعلوا وأطلقوا الكثير من مشاعرهم مختلطةً ببكاء.. لم أستطع تقبيل رأسها إلا في اللحظة الأخيرة؛ كنت سأندم طول عمري إن لم افعل.. لكنني تشجعت وفعلت.
أناس كثيرون يبكون من حولي في تلك الغرفة الصغيرة.. سطور حزينة تُنطق بلا إعداد مسبق.. لحظة وداع أبديّ في هذه الدنيا، فلن تحصل لنا فرصة أخرى للقائها هنا.. أبدًا.
أتسائل.. كيف سيكون شعورنا ذلك اليوم؟ حين تصبح أجسادنا في أيديهم، يدخلوننا في ثلاجة الأموات.. يجردوننا من ثيابنا، ويحركوننا دون إذنٍ منا، ينظر إلينا من ينظر، يبكون علينا بكاء اللقاء الأخير، يتحدثون معنا ولا نستطيع التجاوب.. لا نستطيع القول إن كنا في نعيم فيسعدوا لنا؟ أم في عذاب فنستنجدِ.. كل ذلك سيكون بين أنفسنا في صمت.
مؤلم أن تتحدث لشخص لا يفهمك.. فكيف بك حين لا تستطيع الحديث اصلا.

الاثنين، 20 أبريل 2020

كعك مادلين


في بستانها البهيّ.. وداخل كوخها المتواضع.. اعتادت " مادلين " أن تصنع كعكاتها الطازجة بحب في منتصف الأسبوع لتوزعه على أهل قريتها الصغيرة.
كانت تسعد لسماع زقزقة العصافير الصادرة من نافذة مطبخها الواسعة.. واحتكاك الملعقة مع الإناء الخشبيَّين أثناء مزجها لخليط الكعك.
بيض.. طحين.. حليب.. كم لاندماجهما داخل الإناء صوت ناعم يطرب الآذان!
وحين توزّع المزيج في قالب مصفوفٍ بالتساوي، وتدخله إلى فرنها الصغير؛ تشرع بإعداد الكريمة وتقطيع الفراولة الحمراء التي قطفتها فجرًا من بستانها.. فكم سيسر أطفال القرية من جمال شكلها ناهيك عن طعم الكعكة الإسفنجي اللذيذ معها!
تخرجها من الفرن فتستنشق رائحتها الزكية.. ثم تبدأ بتزيينها برفق.. وحين تنتهي ترصّها في السلة الخشبية وتغطيها بقماش ناعم ذو نقوش لطيفة.. ثم ترتدي وشاحها وتكون جاهزة بذلك للخروج والشروع بتوزيع الكعك.
أسبوع فأسبوع.. لسنواتٍ طويلة، لا يفتر حماسها ولا شوقها لرؤية الصغار يتقافزون حولها بلهفة منتظرين دورهم..!
هكذا ببساطة تستشف " مادلين " سعادتها 



الأحد، 19 أبريل 2020

خرّيجة 2020 ❤


خرّيجة 2020.. عام كورونا
يقال عن تخرجنا أنه "نحس"، وأننا "مساكين"، وبالرغم من ذلك؛ فإنني أراها قوة ربما سأحكي لأحفادي عنها.
ما حدث كان مؤلمًا.. عسيرًا.. وصعبًا..
خُتمت حياتنا الجامعية بصورة حزينة فرّقت جمعنا الأخير تحت ظل كليتنا.. محت أجمل أيامنا التي رسمتها مخيلتنا، وأجبرتنا على الفراق مبكِّرًا دون توديع.
بكت عيوننا وأخذ هم الدراسة والمرض العالمي و"الحبسة" يتدافعون علينا..
ختمت سنواتنا الدراسية بعد جهد استمر أربع سنوات.. وها نحن نبارك لبعضنا في بيوتنا غير شاعرين بـ"فرحة" أو "طعم" التخرج.
لم تُسجل لنا ذكرى احتفال تخرجنا.. لم تحتفظ خزائننا بعبائات 2020 - التي قيل بأنها ستكون سنة مميزة لنا - .. لم نكرّم أمام أمهاتنا رافعات رؤوسنا.. لم نشر إليهن على خشبة المسرح بسعادةٍ تعبِّر عن ختامٍ لسنوات كدّنا وتبعنا، ولم نرمِ قبعاتنا..
نعم، نحن خرّيجات سنة كورونا.. خرّيجات القوة والصبر.. خرّيجات 2020
أهنئكم صديقاتي وبنات كليتي وبلدي جميعًا.. مبروك تخرجكم، مبروك صبركم، ألف مبروك ❤

محبّتكم: نادية ( أو دان ) عصام.