السبت، 8 مايو 2021

مذكرات ميلاد



منذ أن بدأت جائحة كورونا وأنا أتخبط في هالة سوداء لا أجد منها مخرجًا..

لعبت الجائحة في كل إعداداتي.. أصبحت نظرتي للحياة ضيقة.. عشت أشد المشاعر إيلامًا في هذه الفترة وجربت قسوة أيام لم أذق مثلها قط! كانت جائحة كورونا بمثابة شرنقة لا زلت أحاول الخروج منها ببطء.

في كل سنة كان لدي دفتر مذكرات أحب أن أكتب فيه مشاعري وأضع ذكرياتي وصورًا من أيامي.. أحببت أن أوثق كل شيء وأن ألمّ شتات عامي بين طيتي دفتر لطيف.. لكنني بعد أن علقت في شرنقة جائحة كورونا اعتزلت الكتابة.. اعتزلت دفاتري.. بل وحتى مدونتي.

تغير قلبي على أعز الناس علي.. لم يكن سهلًا أبدًا أن يتحول شعوري من الحب إلى الكره.. من الإنحياز إلى الضد.. ومن اللين إلى الجبروت! كل ذلك بعد جائحة كورونا فقط.. لم أستطع التحمل.. كانت قسوةً على قلبي.

بعد مرور العام أخذت أستوعب يومًا بعد يوم بأنني يجب أن أتوقف.. أن ألقي نظرة على ما فات وما يحدث.. نظرة جدية على حياتي، أيرضيني هذا الوضع؟؟ لماذا لا أشعر بالرضا وقد آتاني الله ما أحتاج إليه والمزيد؟ لماذا يتفطر قلبي من أشياء كنت لا ألقي لها بالًا.. لماذا تغيرت! لكنني أدركت أنني لم أتغير، أنا هي أنا.. بقناعاتي وأفكاري وأساليبي؛ إلا أنني رأيت من الحياة وجهًا آخر أظهر لي جانبًا جديدًا مني لم أعهده.. إذًا؛ فقد بدأت أفهم نفسي.

كنت دائمًا متصالحة مع ذاتي ومع حياتي وما يجري حولي.. وأعتقد أن للكتابة دورٌ كبيرٌ في هذا، كنت أكتب وأكتب ثم أجد حلولًا أو - على الأقل - أفهمني.. أفهم ما يجري حولي وما يخالج نفسي..ثم أتصالح معه.

يجب أن أعود.. وأن أخلق تغيُّرًا جديدًا بداخلي!

كانت أول خطوة لجأت إليها هي كثرة الدعاء والحوقلة والاستغفار.. كنا قد دخلنا إلى شهر رمضان المبارك وكثفت من دعواتي.. كانت هذه أول وأنجح خطوة.. حصل كل شيء بعدها سريعًا؛ ثم وجدت نفسي أشق جزءًا من شرنقتي بهدوء.. بهدوء مريح.

حدثني شيء ما بداخلي يقول: يجب أن تكتبي.. يجب أن تفرغي ما بداخلك ويجب أن تتحدثي مجددًا إلى الورق.. عودي إلى مرآتك الصادقة، عودي إلى الورق!

نزلت إلى مكتبة جرير أبحث عن دفتر جديد جميل ليكون " منفذي " وصديقي الجديد، ولكن للأسف خانتني جرير ولأول مرة! لم أجد ما لفتني فيها وكانت دفاتر عادية - على الأقل بنظري -، فعدت إلى المنزل أبحث في المواقع، أتقلب من نون إلى أمازون إلى متاجر إلكترونية صغيرة.. وأخيرًا وقع الدفتر بين يدي.

كانت صديقتي " صديقة الصباح " قد ألهمتني - كالعادة - باسم أكني به دفتري  الجديد وقد وقع حقًّا في قلبي:

" ميلاد "

فعلًا.. أحتاج إلى ميلاد جديد.. إلى صحوة.. إلى تغيير كبير! فأسميته ميلاد.

وما زاد شعوري لهفةً أنني طلبت طابعة صغيرة لطيفة - بدلًا من نقل الصور من هاتفي إلى الكمبيوتر المحمول ثم طباعتها في الطابعة الكبيرة - اختصرت مشواري.. صحيح أنها تطبع باللون الأبيض والأسود.. إلا أنها تفي بالغرض، وقد أحببتها! وستكون - بإذن الله - صديقة السفر والحضر هي ودفتري.

الكتابة علاج.. دواء سحري.. كمرآة زوجة أب سنوايت السحرية!

والآن أستطيع أن أقول: أهلًا بميلادي، أهلًا بمنفذي العزيز - كما استفتح فيه مذكراتي -، وأخيرًا.. أهلًا بي مجددًّا.