الأربعاء، 29 أبريل 2020

خواطر رمضانية ( 1 ): السلاح الخاطئ


الجدال وما أدراك مالجدال..
سلاح سفّاك يعود عليك ضرره قبل مجادِلك.
فسواءٌ وصلت إلى مرادك أو لم تصل - وهو الأغلب - فسيتبعك شيء خاطئ؛ فإما أنك ستخرج من جدالك منهزمًا فيلحقك شعور بالخيبة والندامة على إضاعة وقتك وطاقتك، وإما أنك ستخرج منه منتصرًا إلا أن هزيمة من أمامك ستغير فيه شيئًا عليك ولو بسيطًا بسبب شعوره بالإنهزامية، وإما أنك لن تكون منهزمًا ولا منتصرًا بأن يخرج كلًّا منكما برأيه الثابت - الذي حاول أن يفرضه على الآخر - وبهذه الحالة وسابقتيها تكون قد خسرت فضل ترك الجدال الذي قال عنه النبي ﷺ: [ أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ].
فبسلاحك هذا ستكون خاسرًا في كل الأحوال!

الثلاثاء، 21 أبريل 2020

ما بال حالنا؟


ما بال هذا العام.. ما بالُ حالنا؟
أمن ذنوبنا التي غطّت صحائفنا وآثامنا! أمِنها؟
انتشر الوباء حتى وصل إلى كل جزء من كرتنا الأرضية..
تسارع عدّاد الوفيات حتى أنه لا تمرُّ ثانيتين إلا وتُسجّل حالة وفاة جديدة..
تصلنا الأخبار الفاجعة من أناس حولنا: فلان حالته إيجابية ( أي مصاب بالفايروس )، فلان خالط مصابًا، وفلان المريض خالط جماعة من الناس....... فلان " مات " بالمرض..
ناهيك عن أخبار الدول المتتابعة التي تتنافس فيها عدّادات موتاهم.. ميِّتٌ يلحق ميّتًا، جثّة تتبع جثّة.. فراق تلوَ فراق.
كل ما حولنا غريب.. وأكبر من أن تستوعبه عقولنا، تسارع الأحداث أدى إلى اختلاط الأمور فلم نعد ندرك ما نحن بحاجة حقيقةً للتفكير فيه، العالم مصاب.
أشعر بقشعريرة تجتاح جسدي كلما فكرت بأهلٍ مات قريبهم فلا هو يجد من يصلي عليه ولا هم يجدون من يواسيهم.. حالٌ مبكٍ.. مؤلم.. ولكن لا يسعنا الا أن نتذكر أن أبواب السماء لا زالت مفتوحة.

القُبلة الأخيرة.. في مغسلة الأموات


كانت المرة الأولى التي أدخل فيها إلى مغسلة أموات.. وعمري 21..
لا أعلم كيف أصف شعوري حينها.. لم أكن خائفة، لقد كان الأمر سهلًا بالنسبه لي.. بالرغم من أن صديقاتي وصفنني بـ" الشجاعة " واستنكرن عدم رفضي للذهاب، لا أعلم لماذا؟ كنت حزينة فقط، لأنني أعلم أن من سأراه الآن كان دوما رمزًا حيًّا أمامنا.. وهو الآن مجرد جسد هامد.
حينما دخلنا إلى الغرفة التي غُطَّت فيها خالتي بفراش أبيض؛ كنت أشعر بتوتر.. وعندما كشفوا عن وجهها كنت حذرة من الإقتراب..
كان أسوأ منظر رأته عيناي - وأحسنه في آن واحد، بملامح الرضا التي نصبت عليه - ..  
جسدٌ قد اعتَدتُ رؤيته حيًّا.. يتحرك.. ينطق.. يتجاوب.. يضحك.. يرقص..
أراه الآن بلا قدرة تمامًا! يتحرك حيثما حركناه.. بلا اختيار. 
لم أستطع الحديث معها، بالرغم من أنهم فعلوا وأطلقوا الكثير من مشاعرهم مختلطةً ببكاء.. لم أستطع تقبيل رأسها إلا في اللحظة الأخيرة؛ كنت سأندم طول عمري إن لم افعل.. لكنني تشجعت وفعلت.
أناس كثيرون يبكون من حولي في تلك الغرفة الصغيرة.. سطور حزينة تُنطق بلا إعداد مسبق.. لحظة وداع أبديّ في هذه الدنيا، فلن تحصل لنا فرصة أخرى للقائها هنا.. أبدًا.
أتسائل.. كيف سيكون شعورنا ذلك اليوم؟ حين تصبح أجسادنا في أيديهم، يدخلوننا في ثلاجة الأموات.. يجردوننا من ثيابنا، ويحركوننا دون إذنٍ منا، ينظر إلينا من ينظر، يبكون علينا بكاء اللقاء الأخير، يتحدثون معنا ولا نستطيع التجاوب.. لا نستطيع القول إن كنا في نعيم فيسعدوا لنا؟ أم في عذاب فنستنجدِ.. كل ذلك سيكون بين أنفسنا في صمت.
مؤلم أن تتحدث لشخص لا يفهمك.. فكيف بك حين لا تستطيع الحديث اصلا.

الاثنين، 20 أبريل 2020

كعك مادلين


في بستانها البهيّ.. وداخل كوخها المتواضع.. اعتادت " مادلين " أن تصنع كعكاتها الطازجة بحب في منتصف الأسبوع لتوزعه على أهل قريتها الصغيرة.
كانت تسعد لسماع زقزقة العصافير الصادرة من نافذة مطبخها الواسعة.. واحتكاك الملعقة مع الإناء الخشبيَّين أثناء مزجها لخليط الكعك.
بيض.. طحين.. حليب.. كم لاندماجهما داخل الإناء صوت ناعم يطرب الآذان!
وحين توزّع المزيج في قالب مصفوفٍ بالتساوي، وتدخله إلى فرنها الصغير؛ تشرع بإعداد الكريمة وتقطيع الفراولة الحمراء التي قطفتها فجرًا من بستانها.. فكم سيسر أطفال القرية من جمال شكلها ناهيك عن طعم الكعكة الإسفنجي اللذيذ معها!
تخرجها من الفرن فتستنشق رائحتها الزكية.. ثم تبدأ بتزيينها برفق.. وحين تنتهي ترصّها في السلة الخشبية وتغطيها بقماش ناعم ذو نقوش لطيفة.. ثم ترتدي وشاحها وتكون جاهزة بذلك للخروج والشروع بتوزيع الكعك.
أسبوع فأسبوع.. لسنواتٍ طويلة، لا يفتر حماسها ولا شوقها لرؤية الصغار يتقافزون حولها بلهفة منتظرين دورهم..!
هكذا ببساطة تستشف " مادلين " سعادتها 



الأحد، 19 أبريل 2020

خرّيجة 2020 ❤


خرّيجة 2020.. عام كورونا
يقال عن تخرجنا أنه "نحس"، وأننا "مساكين"، وبالرغم من ذلك؛ فإنني أراها قوة ربما سأحكي لأحفادي عنها.
ما حدث كان مؤلمًا.. عسيرًا.. وصعبًا..
خُتمت حياتنا الجامعية بصورة حزينة فرّقت جمعنا الأخير تحت ظل كليتنا.. محت أجمل أيامنا التي رسمتها مخيلتنا، وأجبرتنا على الفراق مبكِّرًا دون توديع.
بكت عيوننا وأخذ هم الدراسة والمرض العالمي و"الحبسة" يتدافعون علينا..
ختمت سنواتنا الدراسية بعد جهد استمر أربع سنوات.. وها نحن نبارك لبعضنا في بيوتنا غير شاعرين بـ"فرحة" أو "طعم" التخرج.
لم تُسجل لنا ذكرى احتفال تخرجنا.. لم تحتفظ خزائننا بعبائات 2020 - التي قيل بأنها ستكون سنة مميزة لنا - .. لم نكرّم أمام أمهاتنا رافعات رؤوسنا.. لم نشر إليهن على خشبة المسرح بسعادةٍ تعبِّر عن ختامٍ لسنوات كدّنا وتبعنا، ولم نرمِ قبعاتنا..
نعم، نحن خرّيجات سنة كورونا.. خرّيجات القوة والصبر.. خرّيجات 2020
أهنئكم صديقاتي وبنات كليتي وبلدي جميعًا.. مبروك تخرجكم، مبروك صبركم، ألف مبروك ❤

محبّتكم: نادية ( أو دان ) عصام.