الأحد، 9 أغسطس 2020

حادثة الشاطئ -2-

كان البحر هادئًا، لم تعْدُ عليه أمواجٌ ولم يُسمَع له همس.. كان ساكنًا راكدًا.
كنت كلما اقتربت من مكان الرجل شعرت برغبة أكثر في الشرب؛ فقد أخذ مني العطش كل مأخذ..
وصلت وانحنيت ملتقطة قنينة العصير، كان لونه حادًّا وكان ثقيلًا بعض الشيء.
أخذت انظر إليه جيدًّا فإذا به شوائب صغيرة..
كانت القنينة مغلقة بإحكام.. حاولت جاهدة نزع غطائها واستنفذت كل طاقتي حتى استطعت.
تغيرت ملامح وجهي حين فاحت منها رائحة كريهة.. أغلقت أنفي ثم تسائلت في نفسي: ماهذه الرائحة!
اقتربت منها وشممتها سريعًا.. فلم أكن بحاجة لأكثر من ذلك حتى أعرف..
اصفرّ لوني.. وماهي إلا ثوانٍ حتى أخذ العرق يتصبب مني وأخذ جسدي يرتعش رغمًا عني..
لم أستطع الحراك.. وتصلبت أطرافي.
لم يكن عصيرًا.. كان الدم.
شعرت بأنه وبأي لحظة سيعود الرجل إلى هنا..
شعرت أنني اقحمت نفسي في جريمة لا مخرج منها.
أخذت تساؤلات كثيرة تقحم نفسها في عقلي في أقل من الثانية، وأنا متيبسة الأطراف أخشى حتى الإلتفات.
أنزلته ببطئ في نفس مكانه، ونفس وضعيته الأولى.. ابتلعت ريقي ووقفت مجدّدًا، أردت الاختفاء والإختباء تحت الرمال أو داخل البحر أو حتى إلى الأبد.. لكنني أيقنت أنني واقعة بين يديه لا محالة.
حاولت استجماع قوتي.. كانت غلطتي أنني لم أهرب.. التفت قاصدة العودة إلى مكاني دون وعي منّي..
فإذا بالرجل واقف أمامي.

يتبع..