الأحد، 30 أغسطس 2020

ليلة سمر مع جدّي

تحت ضوء القمر.. في إحدى الليالي الباردة..

كنت أنا وجدي نتسامر محتضنين بعضنا بحثًا عن الدفء.. وفي لحظات كنا نسكت لنتأمل بريق البحر المظلم وتحركاته الهادئة.. كان منظرا مريحا للعين.. كانت اسعد ايامي تلك التي اقضيها مع جدي في كوخه البعييد.. البعيد جدًا..!

كنا نجمع الحطب في النهار لنتمكن من الحصول على الدفئ وقت الحاجة..

أحب رائحة احتراق الحطب.. ورائحة الشوكولاتة الساخنة التي يعدها جدي كل مساء.. تتصاعد منها ابخرة كثيفة نجعلها تداعب وجنتينا ونضحك!

جدي هو ألطف شخص عرفته وسأعرفه.. لطالما كان لي الأب والأم والإخوة.. والمارد السحري أيضًا! بهداياه الكثيرة التي يقدمها لي وألعابه المبهجة التي لا أمل منها أبدًا.. خاصة ذلك الحصان الخشبي النحيل الذي أصبح صديقًا لي في كل مغامراتي!

كم أتمنى حقًا.. وهي أمنيتي الوحيدة، أن يحيى جدي دائما وأبدًا..

وأن لا يسبقني الى العالم الآخر، ذلك المكان المقدر لنا تحت الأرض.


الأحد، 9 أغسطس 2020

حادثة الشاطئ -2-

كان البحر هادئًا، لم تعْدُ عليه أمواجٌ ولم يُسمَع له همس.. كان ساكنًا راكدًا.
كنت كلما اقتربت من مكان الرجل شعرت برغبة أكثر في الشرب؛ فقد أخذ مني العطش كل مأخذ..
وصلت وانحنيت ملتقطة قنينة العصير، كان لونه حادًّا وكان ثقيلًا بعض الشيء.
أخذت انظر إليه جيدًّا فإذا به شوائب صغيرة..
كانت القنينة مغلقة بإحكام.. حاولت جاهدة نزع غطائها واستنفذت كل طاقتي حتى استطعت.
تغيرت ملامح وجهي حين فاحت منها رائحة كريهة.. أغلقت أنفي ثم تسائلت في نفسي: ماهذه الرائحة!
اقتربت منها وشممتها سريعًا.. فلم أكن بحاجة لأكثر من ذلك حتى أعرف..
اصفرّ لوني.. وماهي إلا ثوانٍ حتى أخذ العرق يتصبب مني وأخذ جسدي يرتعش رغمًا عني..
لم أستطع الحراك.. وتصلبت أطرافي.
لم يكن عصيرًا.. كان الدم.
شعرت بأنه وبأي لحظة سيعود الرجل إلى هنا..
شعرت أنني اقحمت نفسي في جريمة لا مخرج منها.
أخذت تساؤلات كثيرة تقحم نفسها في عقلي في أقل من الثانية، وأنا متيبسة الأطراف أخشى حتى الإلتفات.
أنزلته ببطئ في نفس مكانه، ونفس وضعيته الأولى.. ابتلعت ريقي ووقفت مجدّدًا، أردت الاختفاء والإختباء تحت الرمال أو داخل البحر أو حتى إلى الأبد.. لكنني أيقنت أنني واقعة بين يديه لا محالة.
حاولت استجماع قوتي.. كانت غلطتي أنني لم أهرب.. التفت قاصدة العودة إلى مكاني دون وعي منّي..
فإذا بالرجل واقف أمامي.

يتبع..