❞ تبدأ الحياة في نهاية منطقة راحتك.نيل دونالد وولش.
❞ تبدأ الحياة في نهاية منطقة راحتك.نيل دونالد وولش.
جلستُ بجوارِ المِدفأة ثانيًا قدمَيّ مستندًا بذقني ويدَيّ علي ركبَتَيّ.. أراقب اشتعال النار واستمع مبتئسًا إلى احتراق لهيبها.
كنت قد أتيت لتوِّي من صالة استقبال الضيوف الأساسية.. لم أود أن يرى بقية أولاد أعمامي الحزن بعينيّ، ولا أن يهزأوا بي قائلين: إنك فتًى مدلّل! فأبكي أمامهم دون اختيار.
كنت أظن أن جدتي تفضلني وحدي.
أخذت ألتقط أي جُسَيِّمٍ صغيرٍ من على السجادة ( بقايا انشقاق ورق، حطب متناثر، شعر الخ.. ) وأرميه في النار المشتعلة..
كانت ليلة العيد باردة.. وكانت جدتي في كل عيد تحتضنني إلى صدرها وتقول: أنت حفيدي المفضل.. ظننت أن تلك الكلمة تخصني وحدي، وكنت أشعر بأنني المميز لديها دائمًا؛ حتى ظهر أنها قالت ذات الجملة لأليكسا وكيت وتوماس و... الجميع أعتقد!
حتى إنني من شدة حزني لم أتناول كعك العيد المُشكَّل الطّري.. ولم أشرب الشوكولاتة الساخنة.
وأظن أن صفحة مذكراتي الخاصة بالعيد لعامي التاسع ستبقى فارغة..
أو ربما سأكتب فيها: " كنت حزينًا فقط؛ من خيبتي الأولى ".
❞ دائمًا إذا كتبت عن عُقدة أو مشكلة أو تحدثت عنها؛ تنفرج ولو قليلًا.. وعن تجربة، اكتشفت أن الاعتراف بوجود المشكلة يشبه المشي نصف المسافة باتجاه الحل.مقتبس من مدونة: قصاصات.
هناك ما يُسمى بالأمل..
الأمل، هو أن يكون منظورك للأمام مشرقًا.. الأمل ليس بخاطرٍ كاذب.. بل هو صادق كل الصدق، فلا يدوم لأحد على هذه الأرض حال، وكل مر سيمر.
يواسينا الأمل حين نكون واثقين كل الثقة بأن فرج الله قادم لا محالة، وبأن ظلام أيامنا سينجلي، ثم يُكشف الستار عن عوضٍ عظيمٍ لم نتخيل حتى حدوثه!
ثم لمَ اليأس؟ وأمامنا السعادة الأبدية، والراحة الغير منتهية، عالم تجد فيه كل ما تشتهي ولا تراودك فيه أدنى ذرة من حزن! عالم الأحلام الذي لا فيه عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر، أنت مسلم توحِّد الله؟ إذًا أنت في الجنة، اطرد الدنيا - القصيرة التي لن تظن أنك مكثت فيها غير ساعة يوم الحساب - عن قلبك وقم فاعمل لنفسك!
روحك الآن تحيا فلا تدع الألم يُنسيك هذا، يكفي أنك تعيش الآن ولست مكبَّلًا في قبرك تتحسر على ما ضيَّعت من عمرك! اعمل لدنياك واترك أثرًا لا يزول بزوالك، اعمل لكي تتفاوج عليك السعادة والبركات في وحدة قبرك! اعمل - طالما أنت واثق من قدوم ذلك اليوم -لأُنسك، فرصتك هنا الآن لا تضيعها؛ لأنك لن تعود.
كلُّ فردٍ أعطاه الله طاقات تختلف عن غيره، أنت لست محدودًا بعملٍ معيّن تقوم به، بل وسِّع الله لك الأرض بكل ما فيها، انظر فقط أين تستطيع أن تَبرُعَ لتترُك الأثر!
الأمل.. عبقٌ ينتشر في داخلك، يُرسل ذرّاتٍ من الأمان بالله وسعادة الحلم الجميل المُنتَظَر والرغبة في المُضِيّ وعدم التوقف، لأن الدنيا لا تتوقف على حدٍّ الا بـ "الموت" وكل ما دون ذلك - من ألم وفقد وضيق وحسرة - مصيره الزوال، وسيبدِّل الله محله السرور وأيامًا من حبُور والجزاء والأجر العظيم للصبور.
عش بالأمل.. بالإيمان بأن يومًا قريبًا قد خبَّأ الله لك فيه شيئًا لم تتوقعه، وبأن لطف الله ورحمته ستُهديك العِوَضَ الجميل، واشكر من الآن! لأن القادم أجمل لا محالة.. وامضِ وأكمل العمل، وأنت تنتظر الآتي بكل شوق.
طبت سهلًا أيها العام الجديد!
طويت ما قبلك من أفراح وأحزان فلن تحمل النفس منك إلا أجرها أو وزرها..
اعتدنا - أيام الدراسة - أن نهنئ بعضنا وتهنئنا " الأبلات " ونشعر بالسنة الجديدة فعلًا، فلا تبدأ أستاذة درسها في حصتها إلا وتهنئنا قبلها لتذكرنا بأنه عامٌ جديد راجيةً أنه سعيد مليء بالخير وتسدل علينا بعض النصائح العذبة من الدخول إليه بقوة وحماسة وترك الماضي واعتزام التغيير وو...
أما الآن فلا مدرسة - ولا حتى تهنئات - ونشعر بأن العام يأتي ويمضي مغفولًا عنه! لكن الجزء الجيد أنني هنا لآخذ دور " الأبلات " فأذكركم وأنصحكم ♡
وصلني اليوم دعاءٌ طيّبٌ أوصى به الرسول ﷺ صحابته الكرام، دعاءٌ سهلٌ لبداية صحيحة كفاتحة غنية بالنوايا الحسنة والتوكل على الله:
كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، يَتَعَلَّمُونَ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يَتَعَلَّمُونَ القُرآنَ إِذَا دَخَل الشَّهْرُ أَوِ السَّنَةُ: " اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ، وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ، وَالْإِسْلَامِ، وَجوار مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرِضْوَانٍ مِنَ الرَّحْمَنِ ".
نصائح خفيفة لاستقبال العام الجديد:
1) ادعُ بالدعاء السابق بقلبٍ حاضر واستغفر الله عن عامك الماضي، تب قولًا وفعلًا عن سيئات ارتكبتها تعتزم عدم تكرارها، وادع الله أن يسهل لك الطاعات ويبعدك عن طريق الشيطان.
2) اقرأ من القرآن وردًا وصلِّ الوتر لتكون بداية سنتك طيّبة، واعتزم الثبات ( الوتر ركعة خفيفة مريحة للقلب، اعتد أن تصليها بعد العشاء أو قبل نومك أو قبل الفجر ساعة نزول الرحمن، وادعُ بما شئت! لا تفوِّت هذه الراحة والسكينة لقلبك ).
3) هنئ من حولك وذكرهم بالعام الجديد لتجدد المشاعر في نفوسهم.
4) اكتب 3 أهداف كبيرة -كحد أدنى- تريد تحقيقها هذا العام، وضعها أمام ناظريك ( ورقة معلقة على حائط غرفتك، خلفية جوال، ورقة مثبتة على الثلاجة الخ... ) ليألفها عقلك، وابدأ منذ اليوم بتحقيقها بجعلها خطوات مقسّمة على الأيام فالأسابيع فالشهور حتى تجد نفسك في نهاية العام وقد حققتها بإذن الله! وتذكر: " قليلٌ دائم، خيرٌ من كثير منقطع ".
5) جدّد نية التغيير للأفضل، فكّر في أشياء تريد تحسينها أو إضافتها لحياتك: عادات، أساليب، أخلاق، أفعال.. والأفضل أن تسجلها على ورقة ملموسة لتتابع نفسك.. اجلس مع نفسك اليوم ولو لـ 30 دقيقة واكتب النسخة التي تريد أن تصبح عليها - حبذا لو بالتفصيل الممل - وأؤكد لك انها طريقة فعالة جدّا جربتها لنفسي ونجحت بحمد الله!
ختامًا..
أتمنى لكم جميعًا من كل قلبي عامًا سعيدًا طيبًا رضيًّا.. عامًا مليئًا بالإنجازات المثمرة والبقايا الطيبة والقرب من الرحمن ♡
ودمتم بخير وسلامة.
بعد انقطاع ثلاث سنوات عن المدينة القريبة إلى قلبي " جدة " عدنا لزيارتها بكل شوق..
لا أدري لماذا أفضِّل جدة بالذات، فليس البحر هو السبب! ولكن ارتباط طفولتنا بها جعلنا نتعلق بها بشدة، لها شعور خاص دائمًا في قلبي.
عندما حل الليل وعند قرابة الساعة العاشرة مساءًا.. نزلت إلى المقهى السفلي الراقي وسط الفندق الذي يشكِّل حرف U.. كان الهواء لطيفًا إلا أنه تشوبه رطوبة جدة المعتادة التي لا بد منها! اخترت الجلوس في مكانٍ مميز بكراسٍ مرتفعة ومعي عدتي بالطبع: روايتي الحاليَّة، الكندل، التاب وحمالته، الدفتر، أقلام حبر جاف ملونة، أقلام تحديد ملونة، وهاتفي بالطبع.
طلبت قهوة باردة لأنعش جسدي.. وجدت طعمها لذيذًا جدًّا ويبدو أنني سأعتمد شربها في كل مكان، اسمها " آيس سولتد كراميل "، منعشة كريمية حالية ولذيذة!
تغيرت جدة عن السابق قليلًا.. وما آلم قلبي حقًّا؛ هو إغلاق فرع ملاهي تشيكي تشيز - صديق طفولتنا - وإزالة كل ما فيه، غدى مبنًى بالٍ لا معالم له.. عوض الله صاحبه، وأشعر بالحزن لأن أحد أحب الأماكن إلى قلوبنا منذ نعومة أظافرنا هو تشيكي تشيز المطل على الكرنيش؛ قد فنى.
اقتربت النادلة لتأخذ طلبي، صُدمت حين رأيتها.. كأنني سافرت خارج البلاد! رأيت مثل هذه المناظر.. لكن بقطعة عبائة مفتوحة - على الأقل - أو وشاح على الكتف - لتسكيت الناظرين - أو بأي شيء.. لكن بدون شيء؟ سأظل أستغرب هذا المنظر ما حييت.. حتى لو غدى - معاذ الله - مألوفًا، سأستنفر منه وأستغربه دائمًا ولن يكون عاديًّا.. هداها الله وجميع المسلمين.
كنت أستعد لمقابلة شخصية في مدرسة الوطن.. بحثت في المواقع عن الأسئلة التي يسألونها للمعلمين عادة.. وجدت ثلاثة مواقع مفيدة فنقلتها إلى قارئي - الكندل - لأقرأ بروية وعين مرتاح، ثم أضفت ملاحظاتي الشخصية وأجوبتي الخاصة على الصفحات.. ما أروع تجربة الكندل!
سأختم بقولي؛ كنت قبل فترة وجيزة قد قررت التغيير في بعض الأمور للأفضل، أشياء كانت تسبب لي الإزعاج والألم أردت أن أتعامل معها بطرقٍ أخرى أرقى وأفضل وتسعدني بدل أن تؤذيني، ومنها أنني قررت أنه إذا ما شعرت بضيقٍ أو نقصٍ في أحد الجوانب أو حاجة لشيء أفتقده، أدعو الله في سري من كل قلبي بما أريد في ذات اللحظة، واستغفر لينفرج ضيق صدري ويستجاب دعائي وأحوقل ( لا حول ولا قوة إلا بالله )، ثم أفوض الأمر إلى الله! وحينها.. لن يخذلني الله أبدًا.
جربت تلك الطريقة، فانشرح صدري واستراح وأكملت وقتي وكأن شعورًا بالحزن لم يداهمني! عرفت فعلًا حينها.. أن السعيد هو من يربط حياته بالله في كل دقيقة يتنفس بها.
منذ أن بدأت جائحة كورونا وأنا أتخبط في هالة سوداء لا أجد منها مخرجًا..
لعبت الجائحة في كل إعداداتي.. أصبحت نظرتي للحياة ضيقة.. عشت أشد المشاعر إيلامًا في هذه الفترة وجربت قسوة أيام لم أذق مثلها قط! كانت جائحة كورونا بمثابة شرنقة لا زلت أحاول الخروج منها ببطء.
في كل سنة كان لدي دفتر مذكرات أحب أن أكتب فيه مشاعري وأضع ذكرياتي وصورًا من أيامي.. أحببت أن أوثق كل شيء وأن ألمّ شتات عامي بين طيتي دفتر لطيف.. لكنني بعد أن علقت في شرنقة جائحة كورونا اعتزلت الكتابة.. اعتزلت دفاتري.. بل وحتى مدونتي.
تغير قلبي على أعز الناس علي.. لم يكن سهلًا أبدًا أن يتحول شعوري من الحب إلى الكره.. من الإنحياز إلى الضد.. ومن اللين إلى الجبروت! كل ذلك بعد جائحة كورونا فقط.. لم أستطع التحمل.. كانت قسوةً على قلبي.
بعد مرور العام أخذت أستوعب يومًا بعد يوم بأنني يجب أن أتوقف.. أن ألقي نظرة على ما فات وما يحدث.. نظرة جدية على حياتي، أيرضيني هذا الوضع؟؟ لماذا لا أشعر بالرضا وقد آتاني الله ما أحتاج إليه والمزيد؟ لماذا يتفطر قلبي من أشياء كنت لا ألقي لها بالًا.. لماذا تغيرت! لكنني أدركت أنني لم أتغير، أنا هي أنا.. بقناعاتي وأفكاري وأساليبي؛ إلا أنني رأيت من الحياة وجهًا آخر أظهر لي جانبًا جديدًا مني لم أعهده.. إذًا؛ فقد بدأت أفهم نفسي.
كنت دائمًا متصالحة مع ذاتي ومع حياتي وما يجري حولي.. وأعتقد أن للكتابة دورٌ كبيرٌ في هذا، كنت أكتب وأكتب ثم أجد حلولًا أو - على الأقل - أفهمني.. أفهم ما يجري حولي وما يخالج نفسي..ثم أتصالح معه.
يجب أن أعود.. وأن أخلق تغيُّرًا جديدًا بداخلي!
كانت أول خطوة لجأت إليها هي كثرة الدعاء والحوقلة والاستغفار.. كنا قد دخلنا إلى شهر رمضان المبارك وكثفت من دعواتي.. كانت هذه أول وأنجح خطوة.. حصل كل شيء بعدها سريعًا؛ ثم وجدت نفسي أشق جزءًا من شرنقتي بهدوء.. بهدوء مريح.
حدثني شيء ما بداخلي يقول: يجب أن تكتبي.. يجب أن تفرغي ما بداخلك ويجب أن تتحدثي مجددًا إلى الورق.. عودي إلى مرآتك الصادقة، عودي إلى الورق!
نزلت إلى مكتبة جرير أبحث عن دفتر جديد جميل ليكون " منفذي " وصديقي الجديد، ولكن للأسف خانتني جرير ولأول مرة! لم أجد ما لفتني فيها وكانت دفاتر عادية - على الأقل بنظري -، فعدت إلى المنزل أبحث في المواقع، أتقلب من نون إلى أمازون إلى متاجر إلكترونية صغيرة.. وأخيرًا وقع الدفتر بين يدي.
كانت صديقتي " صديقة الصباح " قد ألهمتني - كالعادة - باسم أكني به دفتري الجديد وقد وقع حقًّا في قلبي:
" ميلاد "
فعلًا.. أحتاج إلى ميلاد جديد.. إلى صحوة.. إلى تغيير كبير! فأسميته ميلاد.
وما زاد شعوري لهفةً أنني طلبت طابعة صغيرة لطيفة - بدلًا من نقل الصور من هاتفي إلى الكمبيوتر المحمول ثم طباعتها في الطابعة الكبيرة - اختصرت مشواري.. صحيح أنها تطبع باللون الأبيض والأسود.. إلا أنها تفي بالغرض، وقد أحببتها! وستكون - بإذن الله - صديقة السفر والحضر هي ودفتري.
الكتابة علاج.. دواء سحري.. كمرآة زوجة أب سنوايت السحرية!
والآن أستطيع أن أقول: أهلًا بميلادي، أهلًا بمنفذي العزيز - كما استفتح فيه مذكراتي -، وأخيرًا.. أهلًا بي مجددًّا.