الاثنين، 11 مايو 2020

لن أصدق ما قيل وإن جرى.. طالما لم أرى


خالتي نسرين.. رحمك الله..
في كل مرة يُحضَر فيها ذِكرك أتعلم منك شيئًا..
أُبشّركِ! فقد أصبحتِ مدرسة لي بعد موتك.
عندما كان الجميع يتحدث عنك بسوء في حياتك؟ انقلب الأمر فأصبحوا لا يذكرونك إلا بكل خير، لكنني وقعت في فخهم..
كرهوا منك ما سببته لهم.. بالرغم من أننا نعلم أنه مرَضُكِ.. لكننا شعرنا تجاهك بشيء سيء! سمعنا لما قالوا.. لم يُذكر عنك خير قط في حياتك.
كنتِ حديث المجلس.. كنت الفكاهة التي نضحك عليها إذا اجتمعنا.. لكن لم يذكر لنا احد قط كم كنت تعانين.. إلا عندما فارقتِ الأسى ورحلتِ عن عالمنا.
ذرفتُ الدموع غضبًا عندما ذكروا ليَ اليوم كيف كانت حياتك؟ مرضُك؟ علاجُك بالصعقات الكربائية؟ والإبر التي كنت تدَّعين أخذها إلا انك تلقينها خوفًا! ولكنك في كثير من الأحيان تجبرين عليها غصبًا.
عذابُك ونومك في غرفة موحشة.. على سرير خشبي بلا فراش؛ لأسباب لن أذكرها.
لم يذكروا لنا كيف كانت نظرتك للأشياء بنية الإصلاح لا الإفساد، ولكننا لم نفهمك أبدًا..
لم يذكروا كيف كنت بحاجة إلى الراحة، إلى الكلام، إلى الأسرة، إلى الضحك الدافئ مع قلب يحبك حقًّا! وليس بداعي الشفقة.. ما وجدتِ إلا الظلمة تحتويك.
وفي أوقات النوم؟ عندما كنت تتحججين بـ " نسيان هاتفك " في غرفة إحدى خالاتي؛ فقط لأجل أن تدخلي وتشعري بأشخاصٍ حَولك فينتابك الأمان، هي ثوانٍ فقط.. حتى يخرجوكِ خوفًا من فعل شنيع ربما تفعلينه.. لم يشعروا بأنك بحاجة إلى الشعور بالأمان.. بعيدًا عن عالمك المظلم.
مالذي رأيته في ذلك الوقت حتى تفزعي وتأتي؟ أآذاك " الخَلق الآخر " كما كانوا يفعلون؟
والسؤال الأألم الذي انتابني.. أكُنت خائفة عندما انتهت الثواني التي قضيتها داخل الغرفة " بحثًا عن هاتفك " وحان وقت رجوعك إلى غرفتك المظلمة؟
لم يشعروا بك.. لم يسألوك إن كان قد حدث لك شيء..
حقيقةً، كنت خائفة منك وقتها، وقت طرقك للباب، طريقة دخولك.. و" حجتك ".. كنت غبية اذ لم اشعر بك آنذاك؛ إذ ما من سببٍ يجعلك تتحججين بشيء غير واقعي إلا وأنت بحاجة إلى أحدهم! تركتك مثلهم.. والآن اشعر وكأنني أنا الوحش في تلك الساعة.. وليس أنت.
أعملنا سمعنا ولم نُعمل قلوبنا وعقولنا.. لم نسألك أنت شخصيًا عما يجري بالرغم من علمنا بمصداقيتك دائما وقولك للحقيقة مهما كانت مُرَّة، لم نسألك.. لم نفهم وجهة نظرك ولم ندرك حاجاتك.. بسمعنا لما قالوا حكمنا عليك ونفرنا منك.. وكل ذلك يحدث وأنت تشعرين، وتكتمين، إلى أن فات الأوان.
يا لظلم الإنسانِ ويا ويله اذ يسمع فيحكم.. وهو لا يعلم ما يُخفى عليه.