الثلاثاء، 21 مارس 2023

روحٌ ظمآنة


أول مرة أشعر بأنني بحاجة فعلًا إلى رمضان..

متعطشة للعبادة، للخلوة، للروحانية، للابتعاد عن الدنيا ولو قليلًا!

متعطشة لقطع السُّبل إلى كل خطيئة وكبيرة.. جفافٌ أودى بروحي إلى أن تنزف دم ما جنت على نفسها من جريمة البعد والغفلة.. من جروح الجهالة.. وأشواك الانهماك في الملذات، نُخطئ جهلًا منا بعظمة الله؛ ثم نجد أن لا غير الله يملك شفاءنا من الخطأ.. فنعود مطأطئين رؤوسنا خجلًا وحياءً، نطلب الغفران والشفاء.

أول مره أشعر بأنني لا أريد أن يكون رمضان شهرًا.. بل أريد أن يستمر حتى نمتنع مرغمين عن الالتفات إلى دنيا زائفة! عن الموسيقى والحفلات.. عن التخلع وفسخ الحياء.. عن التسكع في الشوارع والقهقهة.. عن الأفلام التي صارت -90% منها- إباحية! عن القيل والقال واجتماعات "الغيبة"؛ التي ستكون فاجعة لنا.. حين ندخل إلى قبرنا فنجد عذابها ينتظرنا مستعدًّا لنا.

الحياة في الماضي -بالنسبة لهذا الوقت- كانت كلها رمضان، التورع.. قلة الخروج.. الامتناع عن المنكرات في المنزل -فلم يكن هناك الكثير من أجهزة تشغيل الموسيقى والأفلام -أو لم يكن الأب يسمح بها!-.. اجتماع العائلة.. بل والاجتماع على الطعام، تُرى.. هل كانوا يشعرون بفرق (ديني روحاني) كبير عند حلول رمضان؟.

يتملكني ضيقٌ عميق، عميقٌ جدًّا.. حتى أنني لا أقدر على الوصول إليه لأعالجه! فهل سيعود كل شيء كما كان بعد رمضان؟ كلمة لا "الضخمة" التي نضرب بها نفسنا الأمّارة بالسوء في رمضان؛ ألن نستطيع أن نضرب بها الشيطان بعده؟ ألن نملك القوة والحصانة التي امتلكناها في رمضان!

هل هو "شهر" والسلام؟

رباه.. حقيقةٌ مُرّةٌ تجعلني أخشى دخول رمضان قبل أن أُسوّيها.. فكيف سأعبد الله بقلبٍ مخادعٍ يعتزم العودة إلى كل شيء بعد رمضان؟ بل كيف سأخدع نفسي بأنني مؤمنة صالحة في رمضان! هل لباس "الإيمان" خاص برمضان نرتديه في أول ليلة ونخلعه ليلة العيد؟ أريد أن أتوقف.. من كل قلبي وعقلي وجوارحي ونفسي.. أريد ان لا اخلع لباس الإيمان والتقوى والطاعة والتورع والخشية والمحاسبة والصلاح! لا اريد أن أخلعه.. أريد أن أموت فيه.

كل هذه الإرادة.. إلا أن شيئًا واحدًا.. واحدًا فقط، يعادلها كفة، بل هو أثقل منها الآن في الميزان!......... الخوف.

الخوف من فقدان المتعة واللذة.. الخوف من الشوق إلى كل شيءٍ دنيويٍّ حقيرٍ زائف.. الخوف من القاء كل "الملابس الخليعة".. الخوف من موت الإرادة ثانيةً والعودة إلى كل شيء.

خوفٌ مرضيٌّ يقودني ويقودك؛ فيا لضعف إيماننا.

ربّاه، أعود إليك مطأطئة الرأس خجلًا وحياء.. اطلب الغفران.. والشفاء.

هناك تعليقان (2):

  1. الله 👏🏻 جميلةُ الروح كالمعتاد .. ربِ يرضى عنكِ ويبلغك مُبتغاك ويثبتك❣️🌙

    ردحذف