لطالما ركبتُ الطائرة.. ولطالما اخترت الجلوس بجانب النافذة، لأن المنظر يسحرني عندما ألتفت إليها أثناء قراءة كتبي..
لكنني ولأول مرة، أنظر بهذه الرؤية، التي صنعت بي فارقًا كبيرًا لفترة طويلة.
هذه الدنيا التي نراها كبيرة عظيمة ونحن على الأرض.. كلما صعدنا بالطائرة أعلى؛ كلما صغُرت واختفت.. فلا تكاد المنازل أن تكون نقطة، ثم تنقلب الأحياء نقطة، والحدائق والناطحات، إلى أن تصير المدينة كلها لا شيء.
فكيف بأحزاننا وهمومنا؟ هل حقًّا تستحق الحياة أن تأخذ من قلوبنا كل هذه المشاعر التي تهدمنا؟
ما أكثر ما كنا نسمع أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، ولكنني الآن فقط وعيت ذلك الحديث.
إذا كان المنظور من طائرة يُعطي الدنيا صِغرًا وضئالة وحقارة.. فكيف بمنظور الإله الكبير الواسع؟
أخذتُ من وقتها عهدًا على نفسي؛ أن لا أعطي شعورًا فوق حجمه، بل أضع كل شيء في مكانه الصحيح..
كل شيء وكل شخصٍ أيضًا..
كل أمر تعطيه حجمًا أكبر سيغدو أكبر فعلًا؛ ثم لن يلبث أن يغطي على تكبيرك لإلهك، لآخرتك، لهدفك ومهمّتك.
منذ اللحظة الأولى التي تقوم فيها الساعة.. لن يبقى لأيّ شيء همٌّ في قلوبنا، إلا عملنا وما سنجنيه.
حتى الأم ستنسى ضناها.. بل ستفديه، فهل في الدنيا أحرص من الأم على طفلها؟
انظر من الآن بعين البصيرة؛ لتعطي كل شيءٍ حجمه.. لا تحزن على دُنيا، لا تحزن على فقد، لا تحزن على تغيير..
ولا تحزن من تجريح.
تناسى واستمر.. فما دمت ترتفع إلى الله بأجورك وأعمالك؛ فهذا هو المهم.
هذا هو الكبير حقًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق